القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
41348 مشاهدة
الخلفاء الراشدون أفضل الصحابة


أفضل الصحابة رضي الله عنهم الخلفاء الراشدون؛ لأنه ورد ما يدل على فضلهم، في حديث عن ابن عمر أنه قال: كنا نقول ورسول الله-صلى الله عليه وسلم- حَيٌّ: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان فيبلغ ذلك النَّبِيَّ-صلى الله عليه وسلم- فلا يُنْكِرُهُ. ثم الدليل على فضلهم اختيارُهُمْ لأبي بكر خليفة، دليل على أفضليته، وذلك لقدم صحبته، فهو من أقادم الصحابة، مِنْ أول مَنْ أسلم؛ أول من أسلم من الرجال، ولذلك يقول أبو الخطاب
قـالوا: فَمَـنْ بعد النبـي خليفـة
قلـت: الْمُوَحِّـدُ قبل كـل مُوَحِّـدِ
ثانِيـهِ في يـوم العريش, ومَنْ له
فـي الغـار أسعد يا له من مُسْعدِ
فهو ثاني رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في الغار في قوله: ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ له هذه المزية، وكذلك أيضًا في العريش في غزوة بدر كان هو الذي مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لما بني له عريش فكان هو الذي يحرسه.
ثم بعده عمر -رضي الله عنه-؛ وذلك لأن أبا بكر اختاره لما رآه أهلًا، فهو الخليفة الثاني الذي في خلافته -رضي الله عنه- توسعت الخلافة، وتوسعت البلاد الإسلامية. ثم بعده عثمان -رضي الله عنه- اختاروه، وكان أهلًا للخلافة؛ ولكن ثار عليه بعض الثُّوَّار من أهل العراق ونحوهم، وقتلوه، وليس فيهم أحد من الصحابة... الذين قتلوه.
ولما قُتِلَ لم يكن أَوْلَى بالخلافة من علي -رضي الله عنه- فاستخلف؛ ولكن اختلف عليه الناس، حيث امتنع من خلافته أهل الشام وبايعوا معاوية ؛ يقولون: لا نبايعك إلا إذا سلمتَ لنا قتلة عثمان فإنهم موجودون في جيشك. فلم يستطع أن يُسَلِّمَهُمْ؛ لكثرتهم، ولكثرة أقوامهم، وقال: إذا بايعتموني واجتمعتِ الكلمةُ فإن في إمكانكم أن تأخذوهم واحدًا واحدًا. هكذا قال؛ ولأجل ذلك حصلت الخلافات بينهم.